سيطرت حالة من الجدل حول موضوع توزير نواب مجلس الأمة الكويتي بالحكومة، منذ بدء الحياة النيابية بالكويت، حيث تباينت الآراء ازاء أداء النواب الوزراء، خصوصاً بعض ظهور حالات من التجاوزات من قبل النواب الوزراء من ناحية، وخلافات مع الجهات الحكومية من ناحية أخري، وفي هذا سوف نتعرض في هذا التقرير للآتي:
توزير النواب في الدستور الكويتي:
تلزم المادة 56 من الدستور رئيس الحكومة اختيار عدد من أعضاء البرلمان ضمن التشكيل الوزاري، على أن يكون تعيين الوزراء من أعضاء مجلس الأمة وغيرهم، علي أن لا يزيد عدد الوزراء جميعاً عن ثلث أعضاء المجلس، وأن يتم اختيار نائب أو ثلاثة كحد أقصي بالوزارة، ويُعرف بالوزير المحلل.
مشاكل توزير النواب بالحكومة:
هناك العديد من المشاكل التي تتعلق بمسألة توسيع مقاعد النواب الوزراء، وقد حبذ الدستور في مذكرته التفسيرية توسعة التوزير من أعضاء المجلس، وتتمثل أبرز المشاكل التي تواجه مسألة توزير النواب بالحكومة في أن ليس جميع النواب بالضرورة مؤهلين لحمل الحقيبة الوزارية، حيث إن الكثير من النواب الذين دخلوا المجلس ليس لديهم كفاءة سياسية عالية، أو مؤهلات تكنوقراطية كبيرة، وإنما حصلوا علي المقعد النيابي علي أساس الجمع القبلي أو الطائفي أو الفئوي أو الخدماتي.
إضافة إلي أن هناك نواب عند حصولهم علي الحقيبة الوزارية، يقومون باختزال المصالح العامة بمصلحتم الخاصة لضمان بقائهم في المنصب النيابي والحفاظ عليه، وذلك من خلال تمييز وإعطاء الأولوية لقبائلهم وناخبيهم دون غيرهم من أبناء الوطن، وتقديم الأولوية أيضاً للمصالح الطائفية والحزبية، وذلك لضمان إعادة انتخابه في الانتخابات القادمة.
التجارب السابقة لسوء توزير النواب بالحكومة:
أكدت التجارب السابقة أن التجربة الكويتية متذبذبة وغير مستقرة من ناحية العدد وطبيعة الاختيار في هذا المجال، بحيث يكون عدد النواب تارة واحداً وتارة أخري ستة، وأن التوسع في توزير النواب لم يحقق الإستقرار لعلاقة السلطتين في كثير من الأحيان، وأن معظم النواب الذين تم توزيرهم كان أداؤهم أقل من المأمول، ولم يحققوا أي اصلاحات وتطوير في الحقائب التي تولوها.
إضافة إلي أن غالبية من تم توزيرهم من النواب دخلوا في صراعات مع الجهات الحكومية التابعة لهم مما أثر علي مسار العمل مع هذه الجهات، وأن عدد كبير من النواب عندما تم توزيرهم سخروا الحقائب الوزارية لتحقيق منافع انتخابية سواء بالتعيينات الانتخابية أو تعيينات الأقارب، وكان اخرهم يعقوب الصانع الذي قام بتوظيف كوادر من القوي السياسية التي ينتمي إليها في وظائف قيادية بوزارتي العدل والأوقاف وأحالت النيابة العامة وزير العدل الأسبق يعقوب الصانع الى لجنة التحقيق الدائمة بمحكمة الوزراء على خلفية تعيينات إدارة الخبراء التي أبطلتها محكمة التمييز أخيرا والذي أدي الى تضرر أكثر من 500 شخص وأسرة من هذه التعيينات، ، وبخلاف ذلك هناك نواب نجحوا في تحقيق طفرة في الحقائب الوزارية التي شغلوها منهم د.عبدالرحمن العوضي وزير الصحة الأسبق رحمة الله .
وتجدر الإشارة إلي أن وزير الإعلام الحالي محمد الجبري (وهو من نواب مجلس الأمة الذي تم توزيره من قبل الحكومة) علي خلافات مع الهيئات التابعة لوزارته، وقد منع عدة كتب من المشاركة في معرض الكويت الدولي للكتاب، إضافة إلي عدم قدرته علي تحقيق الإستقرار بين السلطتين التشريعية والتنفيذية بصفته وزير محلل، وتجلي ذلك في استجوابه من قبل نواب المجلس، إلي الحد الذي وصل إلي طرح الثقة به حيث أنه فشل فشلا ذريعا في وزارة الاعلام، إضافة إلي عدم تقديمه لأي مساهمات تذكر في أزمة كورونا، إضافة إلي فشل مجلس 2016 على جميع المستويات، وبدلا من مشاركة المجلس مع الحكومة في التصدي لأزمة كورونا لجأ كلاً منهما إلي إلقاء التهم علي الأخر مع تقديم استجوابات عديدة منها ما هو للاستعراض ومنها المستحق.
وبعد استطلاع اراء المواطنين نري أنه يمكن التصدي لقضية سوء توزير النواب بإعتبار أن هذا بند دستوري أساسي، من خلال الحرص على اختيار نوعية النواب القابلين لمبدأ التوزير، على أن يكون علي مستوى عالي من التعليم وأن لا يتم توزيرهم في وزارات الخدمات للحد من استغلال المنصب للمصالح الخاصة والانتخابية.